إيمري مدرب تفصيلي للغاية


بالكاد أنام ، هكذا أجاب جاكوب تانسويل وهو أحد الكتاب الذين يتابعون استون فيلا و يكتبون عن النادي منذ تسعة سنوات بعد الفوز على مان سيتي في المباراة التي وضعت ايمري فوق قمة عين كل مشجع للفيلا . حين نضع كل مباراة خسر فيها مان سيتي فالأكيد انها مباريات تكون جلها بطريقة اعتيادية تقليدية ، السكون في الدفاع و الإعتماد على المرتدات مع وجود فرص مهدرة بالجملة لزملاء رودري .. لكن هذه المرة يبدو الأمر مختلفا ، المباراة لم تجري كما ذكرنا سابقا ، لقد كانت على النقيض تماما ، الضغط مهول ، المشجعون و الموظفون و كل المقربون كانوا في دهشة من امرهم كيف لا و نحن نتحدث عن فريق لم يتلقى اي خسارة في اخر سبعة مباريات ، خمسة مباريات بالدوري منهم تعادل وحيد و فوزين بالكونفرس ليغ ، قبل ذلك كان هنالك 14 فوزا متتاليا على الفيلا بارك ، ما يقارب 10 اشهر كاملة متكاملة من الفوز المتواصل و لاغيره وهو انجاز لم يسبق له ان حدث سوى لسبعة مدربين في تاريخ الدوري الإنكليزي .

مع مشاهدة مباراة ارسنال كان من الأكيد ملاحظة كيف تمكن ايمري من الفوز على أفضل ثاني فرق الدوري ، الفوز على السيتي و من ثم الأرسنال بطريقيتين مختلفتين ماهو إلا تأكيد صارخ على ان هذا الفريق كالسائل يحتوي كل كوب وضع فيه ، تصور معي القدرة العظيمة لهذا الفريق في التعافي حيث أنه لعب في عشرة أيام أربعة مباريات وهو معدل قياسي ، من شاهد المباراة و اللقطة الأخيرة ما قبل صافرة النهاية وكيف قاتل ماغيين على كرته و انطلق بسرعة محيرة لا تحيلنا أن هناك ضغطا بدنيا قادرا على الإطاحة بجاهزية هذا الفريق رغم التراكم الغير مبرر للمباريات . لا يمكن ان نبني التوقعات العالية الغير منطقية على أن هذا الفريق قادر على المنافسة على الدوري خاصة ان مباراة المدفعجية كانت رقم ستة عشر له بالدوري و مازلنا امام اثنتي عشرة مباراة كاملة لنشهد إنتهاء الدوري . حين تم سؤال ايمري عن ما جعله يحسن لغته الإنكليزية أجاب أن الأفلام كانت سببا واضحا في ذلك فخلال فترته مع أرسنال ، شاهد سلسلة بيكي بلايندرز التي تدور احداثها في ميدلاندز هناك في بريمنغهام ..

بعد فترته المضطربة في ارسنال فقد تم اعادة تأهيل سمعة الإسباني في انكلترا وربما العالم ، الآن سهمه في إرتفاع مستمر و حتى الذين انتقدوه سابقا لم يعد لديهم مبررات لتفسير ذلك الحقد . نعود للإحصائيات ، فقط مان سيتي فاز بعدد نقاط أكبر من الفيلا في عام 2023 في حين انه و في الدوريات الخمس الكبرى لا يوجد فريق سجل عدد اهداف على أرضه أكثر من زملاء واتكينس سوى بايرن ميونيخ ، كل ذلك حدث بالرغم من الإصابات التي حرمتهم من تيرون مينغز وإيمي بوينديا وجاكوب رامسي وأليكس مورينو ، العائديْن مؤخرا من الإصابة . في الفيلا هناك تناقض إيجابي حاد : ينجح الفريق في 75 بالمائة من ضبط خط التسلل أكثر من ليفربول مثلا ، الجميع يدرك ان مصيدة التسلل تتطلب في العادة خط دفاع متقدم وهو ما يحدث بليفربول لكن حين تشاهد متوسط ​​عمق خط فيلا الدفاعي فهو سابع أدنى مستوى في الدوري ، و هذا يعني تركيبة عجيبة لخط دفاع يجيد الإنكماش و الإرتداد مع الحفاظ على خطة التسلل التي تميز هذا الفريق و التي تقتضي مخاطرة كبيرة قد تنتج خسارة فادحة لو لم تنفذ بالشكل اللازم .

شخصيا ضد كل من يقول ان فترة ايمري مع أرسنال كانت سيئة ، لقد وجد نفسه في نادي متطلب رغم أن هامش التحسن كان جيدا رغم المدة التي لم تتجاوز الموسم ونصف ؛ إن النجاح في أندية تولى تدريبها مدربين كانوا أساطير و خلدوا تاريخا لا يمكن تكراره أمر صعب و معقد على كل مدرب مهما كان إسمه . في مقال على صحيفة الغارديان ذكر خلاله الكاتب ان ما يميز المدرب هو الكاريزما الخاصة به والتي تجعله مميزا في عين لاعبيه ، جماهير فريقه ، الصحافة … مورينيو و تصريحاته التي دائما ما تكون حادة ، العقل المنصهر لدى بيب ، الجاذبية المفعمة على الخط ليورغن كلوب ، ان شخصية ايمري لا ثمكن ان نصنفها في جدول معين يميزها فماهو عليه هو أن لا تكون له شخصية تميزه فلا تصرفات توحي لك انه مميز في جانب ومنفرد و نتيجة لذلك ان هذا قد يكون سببا في (فشل تجاربه) من فريق لآخر هناك أين يتوفر السوبر ستارز بكثرة أما الآن فإذا ما تم منح نفس صلاحيات ارتيتا ولم نقل أكثر منها و الصبر على مشروع ايمري فالأكيد أننا أمام مشروع واعد قد نرى ثماره في وقت أقرب مما كان يتوقعه الكثير .

يقال أن ما بعد تجديد الصالة الرياضية الخاصة بأستون فيلا و بينما يقضي اللاعبون الوقت في الإستماع إلى بودكاست أو الموسيقى على آلة المشي أو التمارين الأخرى فإن أوناي يقوم بشيء مختلف حيث أنه يستغل وقت الرياضة في إعادة مشاهدة المباريات وقد أصبح شيء روتينيا معتادا لللاعبين . ان هذا التحسن مقارنة بما كان فيه هذا الفريق أيام ستيفن جيرارد المدرب السابق الذي كان فارق الأهداف السبب الوحيد الذي أبعدهم عن مناطق الهبوط ، يقول ايمري ان مباراة ارسنال على ارضه تلك التي لم يخسر بعدها بين جماهيره ابدا كانت نقطة التحول لهذا الفريق . حين كان مدربا لفياريال و قبل انضمامه لهذا الفريق قام بعمل عظيم ، اتصل بطاقمه الذي سينتقل معه لإنكلترا و طلب من كل واحد فيهم تحليل عدد معين من لاعبي الفيلا ليتسنى له انشاء ملف شامل يحصي النقاط الخفية و العمياء لهذا الفريق وهو ما يسمح له في تحويل تلك السلبيات إلى إيجابيات .

" مع جيرارد كان التدريب مجرد تدريب .. لكن إيمري مدرب تفصيلي للغاية تماما كما كان في أرسنال ، لقد قام بتدريب اللاعبين ويستمر في تدريبهم على كل جانب من جوانب كرة القدم كل يوم ، هو يعزز بإنتظام العادات الجيدة في ساحة التدريب حتى يؤمن اللاعبون بأساليبه ويبدأون في تنفيذ ما يطلب منهم القيام به بالضبط في كل مباراة - إنه الثقة و الإيمان بعد ذلك - وهذه هي النتيجة ". بين رجل مهووس باللعبة يحلل كل تفصيلة من تفاصيلها و يقف بحرارة على خط التماس يتفاعل مع تحركات فريقه الدفاعية منها قبل الهجومية و بين آخر حائر يقبع في كرسيه لا حراك بعد أن فقد الأمل إلا من تصرف فردي لأحد لاعبيه قد يمنحه ترياقا من الأمل ليحافظ عن وظيفته ولو لمباراة آخرى قادمة . في أيامه الأولى كان إيمري يعمل في بوديمور هيث وهو بالمناسبة ملعب تدريبات فيلا حتى الساعة العاشرة ليلاً وقد رافقه صديقه المقرب الذي يشغل الآن منصب مدير كرة القدم في النادي داميان فيداجاني حيث قال هذا الأخير مازحا إن عاداتهم الليلية في العمل هو و إيمري ستدفع موظفي الأمن بالملعب الذين كانوا يأملون بشدة في النوم إلى اليأس ...

وفي حين أن تلك الساعات قد انخفضت الآن قليلا لأسباب مختلفة حيث يميل إيمري إلى العمل من الساعة السابعة صباحا حتى السابعة مساء هذه الأيام لكنه يميل إلى البقاء لوقت متأخر للدراسة من أجل المباراة التالية دائما . يقول ايمري ان البيئة المستقرة التي تمنحه الحرية اهم بكثير من البيئة التي توفر له الأموال ليشتري ما يريد ، علاوة على ذلك فإن إدارة الفيلا تحترم كثيرا هذا المشروع حتى أنها قامت بجلب عديد الموظفين الإسبان الذين طلبهم المدرب وكل ذلك إيمان منهم بحقيقة إمكانية الحلم و الذهاب بعيدا فيها مع هكذا مدرب . و للحكاية بقيّة ...